• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 
دروس متداول> پایه سوم> بلاغت > جواهر البلاغه تمام کتاب

8 ـ وسمع خالدبن صفوان رجلاً يتكلم، ويكثر الكلام.فقال: اعلم

ـ رحمك الله

ـ أن البلاغة ليست بخفة اللسان، وكثرة الهذيان، ولكنها بإصابة المعنى، والقصد إلى الحجة(24).

9 ـ ولبشر بن الْمُعْتَمِرِ فيما يجب أن يكون عليه الخطيب والكاتب: رسالة من أنفس الرَّسائل الأدبية البليغة، جمعت حدود البلاغة وصورتها أحْسَن تصوير. وسنذكر مع شيء من الإيجاز ما يتصل منها بموضوعنا

ـ قال: خذ من نفسك ساعة نشاطك، وفراغ بالك، وإجابتها إياك، فإن قليلَ تلك الساعة أكرَمُ جَوْهراً، وأشرفُ حسباً، وأَحْسَنُ في الأسماع وأحْلى في الصدور، وأسلمُ من فاحش الخطأ، وأجلَبُ لكل عين وغُرَّةِ من لفظ شريف، ومعنىً بديع. واعلم أن ذلك أجْدَى عليك: مما يعطيك يَوْمُكَ الأطوَلُ بالكَدِّ والمطاولة والمجاهَدة، وبالتكليف والمعاودة. وإيَّاك والتوعُّر، فإن التوعر يُسْلِمكَ إلى التعقيد، والتعقيد هوالذي يَستهلك معانيك، ويَشِين ألفاظك، ومن أراد معنى كريماً فليلتمس له لفظاً كريماً، فإن حق المعنى الشريف اللفظ الشريف، ومن حقِّهما أن تصونهما عما يفسدهما ويُهَجِّنُهما. ..

وكن في ثلاث منازل: فإن أولى الثلاث أن يكون لفظك رشيقاً عذباً وفخماً سهلاً، ويكون معناك ظاهراً مكشوفاً، وقريباً معروفاً. إمَّا عند الخاصة: إن كنت للخاصة قصدْت،

وإمَّا عند العامة: إن كنت للعامة أردْت، والمعنى ليس يَشرُفُ بأن يكون من معاني الخاصة، وكذلك ليس يَتَّضعُ بأن يكون من معاني العامة، وإنما مدار الشرف على الصواب، وإحراز المنفعة، مع موافقة الحال، وما يجب لكل مقام من المقال، وكذلك اللفظُ العامِّي والخاصي;

فإن أمكنك أن تبلغ من بيان لسانك وبلاغة قلمك، ولطف مداخلك، واقتدارك على نفسك. .. على أن تُفْهِم العامة معاني الخاصة، وتكسوها الألفاظ الواسعة التي لا تلطفُ عن الدّهْماء، ولا تجفُو عن الأكفاء، فأنت البليغ التام.

فإن كانت المنزلة الأولى لا تُواتيك ولا تعتريك، ولا تسنح لك عند أوّل نظرِك، وفي أول تكلفك، وتجد اللفظة لم تقع موقعها، ولم تصل إلى حقِّها: من أماكنها المقسومة لها، والقافية لم تحلَّ في مركزها وفي نصابها، ولم تصل بشكلها، وكانت قلقة في مكانها، نافرة من موضعها، فلا تُكْرهها على اغتصاب الأماكن، والنزول في غير أوطانها،

فإنك إذا لم تتعاط قرض الشعر الموزون، ولم تتكلف اختيار الكلام المنثور، لم يَعِبْكَ بترك ذلك أحد. وإن أنت تكلفته، ولم تكن حاذقاً مطبوعاً، ولا محكماً لسانك. بصيراً بما عليك أو ما لك، عابك من أنت أقلُّ عيباً منه ورأى من هو دونك أنه فوقك. فإن ابتليت بأن تتكلف القول، وتتعاطى الصنعة، ولم تسمح لك الطباع في أول وهلة، وتعصى عليك بعد إحالة الفكرة، فلا تعجل ولا تضجر ودعه بياض يومك، أو سواد ليلك، وعاوده عند نشاطك وفراغ بالك، فإنك لا تعدم الإجابة والمواتاة، إن كانت هناك طبيعة، أو جريت من الصناعة على عرق.

فإن تمنع عليك بعد ذلك من غير حادث شغل عرض، ومن غير طول إهمال، فالمنزلة الثالثة أن تتحول من هذه الصناعة إلى أشهى الصناعات إليك، وأخفها عليك. ..، لأن النفوس تجود بمكنونها مع الرغبة، ولا تسمح بمخزونها مع الرهبة; كما تجود به مع المحبة والشهوة. فهكذا هذا.